لم يعدْ مسْموحاً للمهاجرين البقاء لأيامٍ في أحراشِ وغابات مدينة النّاظور التي يتّخذونها ملاذاً “مؤقّتاً” في أفق بلوغِ مليلية المحتلّة، فقد شدّدت السّلطات المغربية خلال الأيام الأخيرة مراقبتها على النّقاط السّاخنة، إذ أقدمت على طردِ فوجٍ جديدٍ من المهاجرين، وقامت بتحويل وجْهتهم صوب الجنوب.
ولم يكن تدخّل السلطات المغربية في حقّ مجموعة جديدة من المهاجرين مفاجئاً، فالحربُ التي تقودها إسبانيا وأوروبا لمنع تدفق مزيد من المهاجرين قد بلغت ذروتها خلال عطلة هذا الصّيف، إذ كان من المتوقّع أن تشهد المنطقة الشّمالية للمملكة أكبر عملية نزوح للمهاجرين صوب أوروبا، لكنّ الحزم الكبير الذي أظهرته السّلطات في تعاطيها مع الظاهرة أبطلَ محاولات عديدة للتّسلل إليها.
وأدانت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان (فرع الناظور) تزايد العنف ضدّ المهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى، الذين يلجؤون إلى الناظور في انتظار تحقيق الحلم الأكبر، وهو الوصول إلى مليلية المحتلة. وقال عمر الناجي، المسؤول عن الفرع الحقوقي: “هذه عملية انتقام في حقّ المهاجرين”، ويضيفُ في تصريح لصحيفة “إلباييس”: “هناك اعتقالات جماعية للمهاجرين”.
وأشار الحقوقي ذاته إلى أنه “عام 2019، كان هناك أكثر من 9000 محتجز”، ويقول: “شمال المغرب محظور على سكان جنوب الصحراء الكبرى”. وقال محمد وهو مهاجر مالي (23 سنة) نجح في بلوغ الثغر المحتل: “الاعتقالات تحدث بشكل عشوائي”.
وتقود السّلطات المغربية منذ أشهر حملة أمنية تُبعد المهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى عن مدن الشمال، إذ تم نقلهم إلى مدن بعيدة عن الحدود، إلى الجنوب، مثل الرشيدية أو بني ملال أو فاس.
وينتقدُ الناجي المقاربة التي تعتمدها المملكة في هذا الملف، مشيراً إلى أنّ “التمشيط الأمني يأتي بعد أن استفاد المغرب من التمويل الأوروبي”، منتقداً سلسلة الانتهاكات التي ارتكبتها القوات المساعدة المغربية.
وتعهد الاتحاد الأوروبي، العام الماضي، بدفع 140 مليون أورو للمغرب، تم صرف 30 مليونا منها هذا العام. ومنذ بداية السنة، منع المغرب حوالي 30 ألف شخص من عبور الحدود بشكل غير قانوني مع إسبانيا، وقام بتفكيك حوالي 60 شبكة تهريب، حسب وزير الخارجية المغربي.
وفي الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري، وصل 7876 مهاجرا غير شرعي إلى إسبانيا عن طريق البحر، أي بنسبة 3٪ أقل مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وفقًا للإحصاءات التي جمعتها المنظمة الدولية للهجرة. وأشارت أرقام المنظمة الدولية للهجرة لشهر ماي الماضي إلى انخفاض بنسبة 67٪ في عدد الوافدين عن طريق البحر مقارنة بشهر ماي عام 2018.
ووصل حوالي 57 ألف شخص إلى إسبانيا بشكل غير قانوني العام الماضي، بينما يقول المغرب إنه منع حوالي 89 ألفا من الوصول إلى أوروبا.