أكاديمية سوس ماسة..الفشل في التخطيط وتدبير الموارد البشرية يقوض الأوراش الكبرى!

بلوس245 نوفمبر 2022آخر تحديث : منذ سنتين
بلوس24
مجتمع
أكاديمية سوس ماسة..الفشل في التخطيط وتدبير الموارد البشرية يقوض الأوراش الكبرى!

يؤكد أغلب المتخصصين في الشأن التربوي، أن تحقيق النجاعة التربوية، مشروط بتحقيق نجاعة قبلية في تدبير منظومة الموارد البشرية. غير أن واقع الحال على مستوى أكاديمية سوس ماسة (بالخصوص مديريات طاطا، وأكادير إداوتنان، وانزكان أيت ملول، واشتوكة أيت باها، وبشكل فظيع بمديرية بتيزنيت) يكشف أن آخر اهتمامات المسؤولين في تدبير الموارد البشرية، هو تحقيق النجاعة والإنصاف. فقد طغى التلاعب على جميع عمليات تدبير الفائض والخصاص، نظرا لغياب رؤية واضحة وشمولية لتعيين وتكليف الموارد البشرية، اللهم تلبية الولاءات في تحريك الموارد البشرية.

وللتدليل على هذا التلاعب المفضوح، كشف فاعلون نقابيون، وأكاديميون متخصصون اللثام عما وقع من فضائح بمديرية أكادير إداوتنان، حيث عشرات الأقسام بمختلف الأسلاك التعليمية، وغير بعيد عن مكتب مدير الأكاديمية، الذي يقضي آخر أيامه بالأكاديمية غير آبه بما يجري، لم يدرسوا مواد سيمتحنون بها، لما يزيد من شهرين. وهو واقع يتكر في جل المديريات. وبمديرية تيزنيت المفارقة صارخة. ففي ثانوية الأطلس بملحقتيها، تاهلا وتارسواط تتجسد الفضيحة/الجريمة في أبشع صورها، حيث يشتغل أستاذ الإنجليزية لأربع ساعات منذ السنة الماضية خلافا للمذكرة الوزارية 352/15 والمقرر الوزاري 061/22، اللذين ينصان على وجوب إسناد حصة كاملة للأستاذ، مما يؤكد غياب ترشيد الموارد البشرية بالإقليم. والأفظع من ذلك، حسب مصادر متطابقة، إسناد ساعتين لأستاذ اللغة الإنجليزية بملحقة تارسواط، في حين أن أستاذ واحدا للإنجليزية يكفي لتدريس جميع مستويات المؤسسة بملحقتيها. ينضاف لذلك ما راكمته المديرية في تدبير البنيات التربوية، حيث نجد 4 أقسام مخففة على المقاس بالمستوى الثاني بمدرسة المختار السوسي بأقل من 19 تلميذ في كل مستوى، ترضية لأستاذتين تربطهن علاقات بمسؤول إقليمي تحوم حولها الكثير من الأسئلة الحارقة، وغير بعيد عنها تجد 40 تلميذ في المستوى الثاني بمدرسة مولاي الزين.

ونتيجة لغياب التنسيق بين مصلحتي الموارد البشرية والتخطيط والخريطة، فقد بقيت بعض المؤسسات بدون أساتذة. حيث سجل في بلدية تيزنيت، بمدرسة لالة مريم، وبعد شهرين من الانطلاقة الفعلية للدراسة، أن أفواج المستوى الرابع بقيت بدون أستاذ للغة الفرنسية. نفس الوضع تم تسجيله أيضا بمدرسة 18 نونبر، فيما تم تسجيل غياب أستاذ مادة الرياضيات بملحقة “إزويكا”، التابعة لثانوية المعدر الكبير. فيما يشكو الآباء غياب أستاذ التربية الإسلامية بثانوية سيدي وكاك بأكلو، وغياب أستاذ اللغة الفرنسية بمدرسة الحسن الأول، وهي مواد سيمتحن فيها التلاميذ بالامتحانات الإشهادية خصوصا الباكالوريا.

أما بدائرة أنزي، فإن الوضع يزداد قتامة وسوءا. حيث أقدم مدير ثانوية محمد الجزولي، بتوجيه من الرئيس المكلف مؤقتا بمصلحة الموارد البشرية، بإسناد 20 ساعة لأستاذتين بالسلك الإعدادي، فيما أضاف أربع ساعات من حصصهن لأساتذة السلك الثانوي، ليتحول الوضع بعد تظلم الأستاذين لفصول تراجيدية تدفع الأسر والمتعلمون ثمنها بعد تعنت مدير المؤسسة وجهله بمقتضيات المذكرتين الوزاريتين 061/22 و084/21، وامتناعه عن إسناد الأستاذتين بالسلك الإعدادي حصصا كاملة. فعلى الرغم من أن الأستاذان رضخا على مضض للأمر الواقع، إلا أنهما لا يثبتان في دفتر النصوص ما يدرسونه واقعيا من مقررات لمستويات السلك الإعدادب. وهو ما يطرح أكثر من علامة استفهام عن موقع مصلحة الشؤون التربوية الغارقة في سبات عميق، عما يجري ويقع في هذه المؤسسة وغيرها. وقد رجحت مصادر نقابية، في تصريحات متطابقة، أن المدير الإقليمي المهدي الرحيوي يعرقل، بشكل فج، عمل هذه المصلحة ويتفاخر به أمام العلن، على اعتبار ما يكنه من عداء للموظفين العاملين بها، إسوة بما فعله بمصلحة تأطير المؤسسات التعليمية التي جمدها بالكامل، بعدما رفض رئيسها التوقيع له على تعويضات مهام غير منجزة في الواقع، ليتحول الوضع لما لم تشهده المديرية من قبل.

وفي تعليقه على ماتعيشه مديرية التعليم بتيزنيت، فقد أكد الخبير في التخطيط الدكتور حسام بيسوفا لموقع “plus24” أن المدير الإقليمي بتيزنيت تعمد ترك 17 حالة إعفاء من مهام التدريس لأسباب صحية بدون مهام لحد الآن، رغم أن القانون، ينص صراحة، ويفرض عليه إسنادهم مهام إدارية تناسب حالتهم الصحية، في ظل الضغط الهائل الذي يعيشه أغلب مدراء مؤسسات التعليم الإبتدائي، وبالخصوص ببلدية تيزنيت، نتيجة العدد الكبير من المتعلمين بالمؤسسات، وحجم ولوج المرتفقين إليها، وعدد المهام والعمليات الإدارية التي لا حصر لها. مما يضطر بعض مدراء المؤسسات (مدرسة الحسن الأول، مدرسة المختار السوسي، مدرسة 18 نونبر، مدرسة العرفان، مدرسة بئر انزران…) للتخفيف من حدة الأزمة الخانقة التي تقض مضاجعهم، إلى استمرارية العمل في الإدارة حتى وقت متأخر من الليل، بعد قضاء دوامهم اليومي المضني في التدبير، في ظل غياب فريق إداري مساعد إسوة بالسلك الإعدادي والثانوي. في حين أن البعض يستعين بخدمات المربيات والأغيار مما أثار انزعاج، ومخاوف الأطر من تسريب الأسرار المهنية وتوظيفها سياسيا، في ظل ما تم تسجيله من تحريض فج، ومقصود ضد بعض الأطر المشهود لها بالكفاءة العالية، والعطاء الكبير (مدرسة مولاي الزين).

وأضاف الخبير د حسام بيسوفا أن بعض مدراء المؤسسات يستعينون مكرهين بخدمات المساعدين التقنيين، في التدبير اليومي للعمليات الإدارية الحساسة والسرية. والنموذج حسب نفس المصدر مدرسة ابن حزم، التي اختلط فيها حابل الإدارة بنابل العبث، حتى صار المرتفقون لايميزون عند ولوجها بين المساعد التقني، ومدير المؤسسة حسب وصف نفس المصدر، مضيفا أن مدير ذات المؤسسة يجر ورائه حملا ثقيلا من الملفات الحارقة، من إرث المؤسسة التي انتقل منها( ملف صرف اعتمادات مالية كبيرة بشكل غير مبرر من ميزانية جمعية دعم مدرسة النجاح، وعدم تبرير صرف اعتمادات اخرى مازالت المصالح المختصة بأكاديمية كلميم وادنون تدرسها وتقلب فيها الرأي لاتخاد المتعين)، وبسبب ضعفه، وعدم إلمامه، بعدما فاته قطار توظيف الوسائل والأدوات التكنولوجية الحديثة في التدبير اليومي، إسوة بالعديد من رؤساء المؤسسات، فإنه يضطر لإشراك كل من هب ودب في تدبير عمليات إدارية حساسة، قد ينتج عن أي تسريب للأسرار المهنية أزمة خطيرة غير محسوبة التبعات والعواقب. وأضاف نفس المصدر أن الأمر يستوجب بشكل عاجل دعم مدير هذه المؤسسة، الذي تتلاطمه أمواج التبعية للتدبير الأجوف السابق، وإنقاده من الغرق بطاقم من الأطر المعفاة من التدريس، وتتبعه، والأخد بيده وتأطيره حتى يتمكن من القيام بمهامه بعيدا عن أية وصاية أو تبعية لسابقه، حتى يتمكن من تدبير المؤسسة في ظروف مريحة وجيدة، بموازاة مع دعم رؤساء باقي المؤسسات الإبتدائية، التي تعيش في صمت، تحت ضغط رهيب، نال من رؤسائها، وعمق من حدة معاناتهم نفسيا واجتماعيا…

وفي اتصال هاتفي بالناشط الحقوقي والأمازيغي ذ عمر أوزكان، فقد أكد لموقع “plus24” أن جل المؤسسات التعليمية بتيزنيت تعيش تحت وطأة تخبط غير مسبوق، فيما طغى منطق الولاءات السياسية والقبلية على عملية تدبير التكليفات للسنة الثالثة على التوالي. وهو الأمر الذي أثر سلبا على المردودية، بعدما تم ضرب استقرار الموارد البشرية، مما انعكس سلبا على نتائج البكالوريا 2022. وساق ذات المصدر أمثلة على ذلك، مؤكدا أن بعض الشعب بتيزنيت سجلت نسب نجاح ضعيفة ومخجلة، أحرجت المسؤولين جهويا، وتكتمت عليها المديرية، التي سوقت للوهم طيلة الموسم الفارط، وانغمست في جمع أموال وتبرعات خارج ما يسمح به القانون، لتمويل حفل التميز الفاشل. هذا الاخير قاطعه عامل جلالة الملك بتيزنيت حسن خليل الذي توضحت واكتملت لديه صورة ما وقع بقطاع التعليم، حيث بلغت نسبة النجاح ببعض الشعب (7,3%) بثانوية المسيرة الخضراء، و(8%) بثانوية ابراهيم واخزان، و(0%) بإحدى الشعب بثانوية الحسن الثاني، وهي كوارث تستوجب فتح تحقيق مركزي معمق، ومسائلة المدير الإقليمي والرئيس المكلف مؤقتا بمصلحة الموارد البشرية وزميله بمصلحة الشؤون التربوية، وترتيب المسؤوليات والجزاءات في حقهم.

وأضاف ذات المصدر أن المنظومة التربوية بتيزنيت تعيش تخبطا غير مسبوق، سبب غليانا في صفون الأطر التربوية، والمسؤولين بالنقابات المسؤولة والجادة، والأسر المكلومة، بعد ما سجلوه من تشبيح العديد من الموظفين، ينضاف له ما لمسوه من استهتار المدير الإقليمي بالجانب التربوي في تدبيره للقطاع، خصوصا بعد تسجيل تماطله وتسويفه في استصدار مذكرة التوقيت الشتوي، تراعي وتستدرك ما تغافل عنه في مذكرة التوقيت العادي التي أصدرها في بداية شتنبر من هذا الموسم. وهي المذكرة التي أسقط منها التوجه الإيديولوجي، والميول السياسي ونعرة انتماء المدير الإقليمي وحال دون تضمينها توقيت يوم الجمعة، الذي تعمد التجاهل بشكل فظيع لخصوصيات هذا اليوم، وموقع شعيرة صلاة الجمعة، لما تحتله من مكانة جوهرية في روح ووجدان عشرات الآلاف من الأسر التيزنيتة، بقلب عاصمة سوس العالمة، ضاربا بعرض الحائط منظومة ونسق القيم التي حددها المنهاج الدراسي بشكل واضح. وهو ما أثار استهجان الأسر المكلومة، التي ترفض بالبات والمطلق تواجد وحجز فلذات أكبادها بالفصول الدراسية ودتزامنا مع وقت قضاء شعيرة صلاة الجمعة. وأستغرب ذات المصدر الهدف غير المعلن وراء سعي المدير الإقليمي في تخبطه التدبيري العبثي، لخلق أزمات، لا حاجة ولا فائدة ترجى من إغراق القطاع فيها.

وساق الناشط الحقوقي عمر أوزكان مثالا على ذلك، باهمال المدير الإقليمي واجباته، ودفعه بتأجيج الصدام بين هيئة التفتيس والتأطير التربوي وأطر التدريس والنقابات المسؤولة والجادة، كنتيجة حتمية لتنصله من مسؤولياته كاملة في إصدار مذكرة إقليمية توحد التوقيت على مستوى الإقليم، وتضع حدا للعبث الجاثم على صدر المنظومة، ويعفيه أمام عجزه وعدم قدرته على ذلك، وضعف درايته بعمق الميكانيزمات التربوية المعقدة اعتبارا لتكوينه البعيد عنها، تعيين لجنة مختصة من الكفاءات العالية، تعينه وتزيل عنه مشقة دراسة الأمر من جميع جوانبه الإدارية والتربوية المعقدة، حتى يتخد القرار. وشدد عمر أوزكان أن ذلك يستوجب الأخد بعين الاعتبار خصوصية المرحلة، والاستفادة من تجربة المديريات الاقليمية التي سارعت لاستشارة مديرية المناهج، وارتقت باجتهادها، وتخلصت من عقدة العصبية الإدارية والعقم التربوي، خصوصا تقديس 30 ساعة، والتعصب لها، مع العلم يقينا أنها منهكة للمتعلمين والمدرسين بالسلك الإبتدائي والأسر على حد سواء، وهو ما خلصت له العديد من الدراسات العلمية والأبحاث الأكاديمية المعمقة، التي تجاهلتها للأسف الشديد هيئة التفتيش والتأطير التربوي بتيزنيت، كما تنكرت للملاحظات التي جمعتها ذات الهيئة في زياراتها لتتبع الفعل التربوي، واستأثرت التنكر لها حماية لمساحة الود والمصلحة الشخصية(غنائم التكليف بالبرامج والتكوينات) التي تجمع الكثير من أعضائها بالمسؤولين، على حساب واجبها في تحصين المنظومة وترسيخ قيمها، يختم المتحدث بحسرة وتعسر.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة