تندرج مدرسة الفرصة الثانية الجيل الجديد في سياق إجراءات تنزيل الوزارة وتفعيلها لحافظة مشاريع ومضامين القانون الإطار51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، ويمثل بذلك المشروع رقم 5 “تأمين التمدرس الاستدراكي والرفع من نجاعة التربية غير النظامية” لبنة أساسية للارتقاء بنموذج العرض التربوي والتكويني، واستجابةً للتوجيهات الملكية السامية التي حرصت على ضرورة إدماج الشباب في النموذج التنموي الجديد عبر خلق فرص وبرامج للتكوين.
ويمثل بذلك مرتكزا، وتجسيدا صريحا لمدى اهتمام المغرب بهذه الفئة من اليافعين والشباب المنقطعين عن الدراسة، من خلال منحهم فرصة التكوين، والتعلم، واكتساب مهارات حياتية، وحظوظا وفرصة ثانية لاستدراك تمدرسهم، وذلك بإعادة إدماجهم في المنظومة التربوية، من خلال اعتماد نظام دراسي مرن ومنصف وعادل يضمن المساواة بين الجنسين، ويتوافق مع احتياجاتهم. وينبني على تقديم التعليم الأساسي، وتعزيز المهارات الحياتية والتكوين المهني، لتيسير اكتشاف سوق الشغل وعالم المقاولة، في سياق الدعم النفسي المصاحب، لضمان استعادة الشباب الثقة بالنفس، وإكسابهم مهارات القرن الحادي والعشرين لمواكبة التحول الرقمي والتقدم التكنواوجي. واستفادت الوزارة من تجارب شبكة دول حوض البحر الابيض المتوسط، وخبرة المنظمات الدولية المختصة (UNESCO) التي قدمت الدعم التقني للمشروع.
وبخلاف أغلب الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين التي أرست بشكل سليم شبكة مدارس الفرصة الثانية، فإن أكاديمية سوس ماسة قد تخلفت عن ركبها ومصافها. فبعدما قطعت(أكاديمية مراكش والرباط نموذجا) أشواطا كبيرة في تفعيل برنامج مدارس الفرصة الثانية الملتزم به أمام أنظار جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، منذ الدخول المدرسي 2018. حيث أكد جلالته على إعطاء دفعة قوية لبرنامج الفرصة الثانية لتأمين الزمن الإستدراكي للمنقطعين عن التمدرس، لتعطي الوزارة انطلاقة تقاسم الإطار المنهاجي الخاص بشبكة مدارس الفرصة الثانية-الجيل الجديد- وعدة تدبيره، وهو الأمر الذي لم يجد أي صدى لدى المسؤول الأول بأكاديمية سوس إسوة بمدرائه الإقليميين الغارقين في سبات العبث بالجهة.
فقد تخلفت أكاديمية سوس مرة أخرى في تنزيل وتفعيل برنامج شبكة مدارس الفرصة الثانية الجيل الجديد، بعدما طفحت للسطح نتائج ماتعيشه القطاع من تخبط وهشاشة، يعكسها الوضع الكارثي لمديرية التعليم بتيزنيت بشكل واضح. حيث أقدم مديرها الإقليمي المهدي الرحيوي، متأخرا بشكل يراه المتتبعون والمختصون غير مقبول، ومسيء لتدبير قطاع حساس، حيث أقدم بتاريخ 3 أكتوبر 2022 على توقيع اتفاقية شراكة مع جمعية تحدي الإعاقة لتسيير مركز مولاي سليمان، في إطار تعميم مراكز الفرصة الثانية، قبل أن تشرف رئيسة مصلحة الارتقاء بالمؤسسات التعليمية ممثلة لمدير الأكاديمية، الذي تخلف عن التدشين، على إعطاء انطلاقة اشتغال المركز بحضور قائد المقاطعة وبعض رؤساء المصالح بالمديرية الإقليمية.
ووصف المختصون مايجري بمديرية التعليم بتيزنيت بالصورة المصغرة القاتمة لما يعيشه القطاع من أزمة خانقة وهشاشة بجهة سوس، تعكس غياب رؤية واضحة لدى مدير الأكاديمية وفريقه، ومديره الإقليمي بتيزنيت المهدي الرحيوي، الذي تاهات سلم الأولويات لديه. ومايزكي ذلك أن افتتاح مركز مولاي سليمان بتيزنيت، والذي ضخت فيه المديرية ميزانية قدرها 20مليون سنتيم مباشرة بعد توقيع اتفاقية الشراكة، والمخصصة ل 50 مستفيد. إذ لم تعلن المديرية والجمعية الشريكة عن طريقة وشروط تسجيل المستفيدين، فيما سجل المختصون رفض المديرية تسجيل 24 راغبا من أبناء “أولاد جرار”. وقد صدم المتتبعون لما أقدم المفتش التربوي”ع.م” المكلف ببرنامج unicef، بتكوين سطحي وعرضي لا يستهدف المعنيين بالفرصة الثانية، وإنما ركز على التربية غير النظامية. تكوين وصفه المختصون بالباهت والسطحي والسريع، انتهى في وقت وجيز، ولم يمد المفتش المكونين بالدلائل بعد إنهائه، مما يؤكد مرة أخرى التخبط والعشوائية التي تنخر القطاع تعيش بمديرية إسوة بباقي المديريات. خصوصا أن الجمعية المكلفة بتسيير المركز لا تملك لحدود الساعة تصورا دقيقا ومتكاملا، اللهم مايروج له من تكوين المستفيدين في الصناعة الجلدية، والطبخ، والإعلاميات.
وحسب تصريحات استقاها موقع “plus24” من فعاليات مدنية، وسياسية تابعت بقلق أطوار تأخر تنزيل مشروع إرساء شبكة مدارس الفرصة الثانية بجهة سوس ماسة، حيث أكد الفاعل المدني مولاي أحمد الزروالي أن أكاديمية سوس ومديرياتها، خصوصا أكادير وتيزنيت يغيب عن قاموس مسؤوليها في التدبير والتخطيط لتنزيل برنامج نموذج الفرصة الثانية -الجيل الجديد- مفهوم الارتقاء بتقاسم التجارب، والرفع من قدرات الجمعيات في مجالات الترافع والاشعاع والأهلية. وهو ما نتلمسه بشكل واضح في غياب تصميم وتنفيذ حملات الترافع حول الحق في التمدرس الاستدراكي، والفرصة الثانية للتربية والتكوين والادماج السوسيو مهني، لفائدة اليافعين والشباب، وهو شرخ يفضح التواصل المعدوم للأكاديمية، ومديرياتها المنغلقة عن نفسها.
فيما أكدت “كوثر بوشارب” وهي مهتمة بشؤون التربية والتكوين، أن تدشين مركز الفرصة الثانية بمركز مولاي سليمان بتيزنيت بهذا الشكل الباهث، الذي تغيب عنه مدير الأكاديمية جاي محمد المنصوري، يعكس في المقام الأول تغييب كلي للحكامة في إسناذ تسيير مراكز الفرصة الثانية للجمعيات المنخرطة. وهو الأمر الذي يتجلى بشكل واضح من خلال المقارنة بأكاديمية كلميم وادنون، التي فتحت باب الترشيح في طلب عروض أمام الجمعيات بالجهة، توج باختيار الجمعيات التي ستحصل على الدعم حسب المديريات. وهي العملية الدقيقة التي أشرفت عليها لجنة مختصة درست الملفات بدقة، وفق دفتر تحمالات واضح. وأعلنت عن نتائج الإنتقاء، ومنحت الأكاديمية بعدها مهلة كافية للجمعيات لتقديم الطعون، في عملية وصفها المختصون بأبهى صور الحكامة والشفافية في تدبير مشروع ملتزم به أمام جلالة الملك، وهو عكس المسار الذي سلكته أكاديمية سوس ماسة ومديريتها بتيزنيت، في وضع اصطر معها السياسيون لطرح مجموعة من الاسئلة بقبة البرلمان.
وفي سياق متصل فقد صرحت الفاعلة الحقوقية “مينة تابيدارت” وهي فاعلة حقوقية مهتمة بالإعاقة أن أكاديمية سوس ماسة لم تكلف نفسها التفكير في تنظيم دورات تكوينية للرفع من القدرات التدبيرية والتنظيمية للجمعيات العاملة في مدرسة الفرصة الثانية -الجيل الجديد-، ووضعها في سلم أولويات التكوين المستمر، كما هي مطالبة بتطوير نظام الأهلية Labélisation لتصنيف وضمان جودة العرض التربوي التكويني بمدارس الفرصة الثانية -الجيل الجديد، والذي يستوجب تطوير شراكات حقيقية مع الفاعلين الاقتصاديين والمهنيين لحشد ما تحتاجه مراكز الفرصة الثانية من دعم تقني، وتوفير حصص تدرايب ممهننة بالمقاولات لتيسير الإدماج السوسيو اقتصادي للمتعلمين.
وفي معرض تصريحه قال الفاعل الأمازيغي والحقوقي عمر أوزكان لموقع “plus24″، أن حصيلة أكاديمية سوس ماسة في تنزيل شبكة مدارس الفرصة الثانية -الجيل الجديد- هزيلة، وغير مشرفة، ومخالفة بشل فج وصريح وغير مقبول لتوجيهات جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، الذي ما فتئ ينادي بضرورة إدماج الشباب في النموذج التنموي الجديد منذ شتنبر 2018. وأضاف أنه ولئن نجحت الوزارة في بلورة حافظة مشاريع القانون الإطار خصوصا مدرسة الفرصة الثانية الجيل الجديد بشكل يجيب للتحديات التي تواجه الشباب المغربي، والمتمثلة في إدماجهم المهني، باعتبارها مدرسة الفرص للجميع، فإن أكاديمية سوس ماسة لم تنجح في توفير نظام وأدوات التتبع، وقياس أداء مشاريع الجمعيات العاملة في المجال، في غياب تام لتطوير مصوغات التكوين التربوي والمهني. مضيفا، أن فشلها يتعمق بعدم إدراج أنشطة الحياة المدرسية والرياضية والتفتح الفني بمراكز الفرصة الثانية الجيل الجديد، مما يرهن التجربة ويؤجل الاعتراف والإشهاد بمراكز الفرصة الثانية -الجيل الجديد- كما هو معمول به بمراكز التكوين المهني، في ظل غياب التفكير والعمل على تجهيز ورشات التكوين المهني بمراكز الفرصة الثانية الجيل الجديد وفق دفتر التحملات المعمول به بمراكز التكوين المهني.
وأعرب عمر أوزكان في عن أسفه الشديد عن غياب رؤية واضحة، وضبابية آفاق الدمج التربوي والاجتماعي والاقتصادي للفئات المستهدفة. ووصف الوضع بالقاتم الذي يزكيه عدم إفصاح الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بسوس ماسة بعد فشلها في تنزيل الإطارا المحدد لهندسة التربية والتكوين بهذه المراكز. ولم يسبق لها التصريح والترويج لمرجعية الكفايات ومواصفات التخرج من هذه المراكز، ولا الأقطاب التعلمية ومجالاتها، والكفايات التربوية المستهدفة في كل قطب، ومراحل التكوين وأنشطته وصيغه الملائمة، ومجزوءات المضامين، فضلا عن غياب تام لأي تحديد لمقاربات تدبير الأنشطة وإجراءات التتبع والتقويم بذات المراكز.
وركز المتحدث في الوقت ذاته على ضرورة تغيير المفتش التربوي المسؤول عن برنامج unicef بتيزنيت، لفشله الدريع في تنزيل برنامج بالمهارات الحياتية وغياب أثره في الواقع، وما شاب العملية من غموض في شق تدبيرها ماليا، مما يستوجب الافتحاص والتدقيق، مضيفا أن وضعه الصحي الحرج والمتأزم (3عمليات جراحية وقرب إجراءه عمليات أخرى) يستوجب أخده بعين الاعتبار في أي عملية تكليف مستقبلية، دون إغفال حصيلة تدبيره لبرنامج unecef بصفته مسؤولا عن نقطة ارتكاز point focal تيزنيت بدون برنامج خاص، وفي غياب تام لأي تقييم وعرض لحصيلته الكارثية لما تحقق في تيزنيت، خصوصا وأن ذات المفتش يستغل نصف مفتشية الإبتدائي، قاطعا الطريق على زملائه للمساهمة والمشاركة في إنجاح عدة مبادرات وبرامج، باستحواده عليها. مضيفا أن عملية التكليف تستوجب فتح باب التباري في شأنها، وفق معايير دقيقة، حتى يتم إعطاء الفرصة للكفاءات العالية المهمشة التي يزخر بها جهاز التأطير والمراقبة التربوية (التفتيش) في المساهمة في إنجاح تنزيل البرامج بدل الاقتصار على دائرة ضيقة من المفتشين ممن شاخوا وهرموا، أو ممن يتهافتون عن التعويضات حتى أفقدوا المنظومة المصداقية.
وختم الناشط الحقوقي عمر اوزكان قوله أن كل الرهانات والتطلعات المتعلقة بإعادة إدماج الأطفال المنقطعين عن التمدرس، ومحاربة ظاهرة الهدر المدرسي الذي تزايد بشكل مهول( أزيد من 20 ألف الآن خارج أسوار المؤسسات التعليمية) مشروطة لتحقيقها في الواقع بانخراط فعلي والتزام مدني من قبل كل الفاعلين سواء كانوا جمعيات مجتمع مدني أو مؤسسات عمومية، وهيأت منتخبة، وقطاع خاص بالإضافة لوسائل الاعلام المهنية، على اعتبار أن إدماج الشباب في النسيج الاجتماعي مسؤولية الجميع، وهو الأمر الذي لم تستوعبه بعد أكاديمية سوس ماسة المنغلقة على ذاتها، والتي أضاعت التواصل، بعدما فشلت في تعبئة شركاء المنظومة.