عقد يوم الأربعاء 2 يونيو 2021 لقاء جهوي حول مشروع المهارات الحياتية بمقر أكاديمية سوس ماسة، ترأسه فؤاد الشفيقي مدير المناهج بالوزارة ومعه ممثل عن يونيسيف المغرب، خصص لتتبع تنفيذ المشروع التجريبي بالجهة الذي تموله UNICEF بالتعليم الاعدادي الذي يضم أكثر من 160 ألف تلميذة وتلميذا، في مؤسسات للتجريب فقط.. فالاجتماع حضره دقائق مدير سوس ماسة وانصرف لأسباب فهمها الجميع، حتى مدير المناهج ومعه عدد من المفتشين واعون بما حصل، وثلة منهم لم يكملوا اللقاء وانصرفوا.
إلى هنا يبدو الأمر عاديا في الشكل، غير أن حلول مدير المناهج يكشف في طياته عددا مما يحصل، فواقع التجريب يعاني من مشاكل عدة، بعد أن تراجع عدد من الفاعلين وأحجموا عن الانخراط والمشاركة، كما كانوا منذ سنوات، وساروا ينفذون ويتتبعون المشروع، وكأنه وضعية إدارية عادية، خاصة وأن الوزارة تراهن على استكمال التصور وبلورته بالانتقال من التجريب إلى التوسيع ثم التعميم، بعدما اعتقد أن الفرق تولت مهام الإنتاج والمراقبة والتأطير والمراقبة عبر مختلف مراحل المشروع الذي يشارك فيه المفتشون مع أساتذتهم في مؤسسات التجريب الذي يروم في فلسفته وعمقه تطوير المهارات الحياتية والمواطنة بسلك الإعدادي من خلال تكييف أنشطة التعلم وتطويرها، غير أن واقع الحال في سوس مسة شيء آخر.
وبعد أن جرب في دول فلسطين والأردن، شرعت منظمة اليونيسف في نقل مشروع “المهارات الحياتية” لقطاع التربية الوطنية وتجريبه في أكاديميات، ومنها سوس ماسة، من أجل تقاسمه مع الفاعلين التربويين في أفق تبني رؤية تربوية جديدة، والتجأ المغرب لهذا المشروع بتعاون مع اليونسيف لأنه يقوم على أربع تحديات كبرى، أولها ضعف المهارات ومستوى التعلمات المنخفض وأساليب التدريس التقليدية، وثانيها ملائمة المهارات والتعلمات ومستلزمات سوق العمل، وثالثها عجز القيم بسبب التآكل الاجتماعي وارتفاع حالات العنف، ورابعها ضعف القدرات الشخصية، إذ لا يتم تربية الأطفال والشباب على تدبير عواطفهم والتواصل معهم بشكل بناء، والافتقار إلى المثابرة في المدرسة، وفي العمل وفي حياتهم الشخصية.
ويتأسس الإطار الاجرائي للمشروع على طرق ومقاربات التدريس المرتكزة على احتياجات الأطفال والتعلم الفعال والتعلم الاجتماعي والعاطفي، وكذا التقييم المستمر واستعمال التقنيات الحديثة.
وإذا كان فؤاد شفيقي مدير المناهج بوزارة التربية الوطنية، قد أكد أن المشروع يهدف تطوير الممارسات الصفية كي تتجه نحو الوظيفية في إطار كفايات ذكية ومهارات محايثة للمضامين من خلال خلخلة بنية المواد الدراسية واستثمار الزمن المدرسي في تنمية المهارات الحياتية، فإنه قدم رسائل مبطنة وصلت لمن يهمه الأمر بأن شيئا ما يحصل في واقع تسيير سوس مسة، وأن ما كان منتظرا لم يتوقع صوله عمليا في التنفيذ والإنتاج.
ما اكتشفه الحاضرون خلال لقاءهم بمقر الأكاديمية أنه كيف لمن يهمه الأمر أن يجعل من أولوياته “المطمعة” الذي حاول بجهده أن يتبناها المركز ويعممها على الأكاديميات، التي رفضوها بالمناسبة، وانشغل بصفقات التغذية الممركزة وسندات الطلب التي تضرب أرقاما قياسية في التنفيذ والتي يمنع اللجوء إليها إلا في الحالات المستعجلة. شانها شأن عمارة المليار التي صارت أولويات على أولويات تأهيل المؤسسات وتوفير التجهيزات وظروف التمدرس وتحسين جودتها، إلى جانب توزيع كعكة التعويضات ورمي الفتات للمديريات وثلة من الموظفات والموظفين الذين لا يظهرون ولائهم لـ”المتعاقد المتقاعد” كأن المال العام يصرف هكذا. وبهذه الطريقة في أكاديمية الاستثناء.
الأثر التربوي والبيداغوجي ونتائج الباكلوريا وظروف التمدرس من اكتظاظ يضرب أطنابه بمؤشرات صادمة وطنيا.
ويكفي أن نذكر على سبيب المثال لا الحضر أن 68 في المائة نسبة تغطية الجماعات بخدمات الاعدادي، وأن 56 جماعة ترابية محرومة من خدمات التمدرس بالاعدادي،، وأن 291 قسما بالاعدادي يبلغ عدد تلامذتها 45 تلميذا، و1319 قسما يصل تلامذتها إلى 41 تلميذا (32 في المائة من مجموع أقسام الاعدادي بجهة سوس ماسة).
معطيات أخرى مؤلمة تفيد أن 7.37 في المائة هي نسبة انقطاع تلاميذ الاعدادي، وترتفع هذه النسبة أكثر في تارودانت لتصل إلى 10.08 في المائة، فيما 76 في المائة من التلاميذ الذين يتابعون دراستهم يحصلون على شهادة الدروس الإعدادية (نهاية السلك الاعدادي).
أما في نسب التكرار بنفس السلك الاعدادي، فإن تيزنيت البلدية يكرر بها 40 في المائة من تلاميذ الاعدادي، وتصل النسبة إلى 62 في المائة بأكادير البلدية، و37 في المائة بأيت ملول البلدية، و22 في المائة ببلدية بيوكرة، و13 في المائة ببلدية تارودانت.
هذه الأرقام الصادمة المؤلمة في جماعات ترابية بالوسط الحضري وعلى مقربة من مكتب مدير سوس ماسة ومدراءه الإقليميين. فكيف سيكون حال الجماعات الترابية (القروية) في البوادي. أما ظروف التمدرس وعلى الأقل توفير الحد الأدنى من شروط التعلمات، فذاك سؤال عريض وكبير يجيب عنه الواقع المتأزم يوما بعد يوم، تتحمل تبعاته الأسر التي تدعو الله أن يرفع عنا “الجوائح” وأن يستر الفضائح ويكشف عورات من تسببوا في ذلك، ويرينا فيهم العجائب.
أما مشروع المهارات الحياتية فليس إلا مشروعا على ورق، لم يفهمه المتعاقد، فما بالك أن يطبقه ويرعاه ويهتم به، مدام أن أولويات أكاديمية سوس ماسة تائهة بتيهان من يهرعون إلى البحث عن مآرب أخرى ستنكشف الأيام المقبلة حقيقتها وكنهها.
ولهذا فشل في بلورة المشروه خلال الموسم الدراسي 20/21 تم تأجيله. السبب معلوم غياب الحافزية وسوء الفهم الكبير وعدم الانخراط (شي يصحح كيف تكتب الهمزة وشي يضرب الهمزة.). وهذا أمر غير معقول لا مع الخلق ولا مع الخالق.
كل ذلك وصل باب الرواح، حتى أنه بعد مرور ثمانية أيام لا حرف ولا صورة نشرها مدير سوس ماسة على بوابة الأكاديمية رغم حضور مديري مركزي من العيار الثقيل فهم حقيقة ما يجري ومعاناة من يشتغلون، وحتى من تواروا وتخلفوا ولا يبالوا لما يحصل لأن الأولويات تاهت وضاعت وضاع معها مستقبل آلاف التلاميذ المرهونين بقرارات مزاجية وقسم كعكة المناصب وتوزيع الولاءات، أما التعويضات فحدث ولا حرج.