لفهم الحقائق المحيرة والصادمة التي عجلت بهرولة مدير أكاديمية سوس نحو داخلية “إعدادية إمي مقورن” وحضوره وجبة فطور مع بعض تلاميذ الداخلية “إمي مقورن” بمديرية اشتوكة أيت باها، ليتضح معها اسباب المناورة وكيف أن التمويه والتدليس وتسويق الأوهام في واقع ملتبس وصادم، يستلزم ليس فقط فتح تحقيق فيما حصل، بل أيضا المحاسبة والمساءلة وترتيب المسؤوليات، وأولا قبل كل شيئ التعجيل بارسال لجنة مركزية مستقلة من المفتشية العامة للشؤون الإدارية والمالية للوقوف على حجم الكارثة التيي تتخبط فيها الجهة في محور الدعم الإجتماعي وخصوصا مطاعم الداخليات ونزيفها الحاد والمميت.
فبعد خروج العديد من لجان مفتشي المصالح المالية والمادية بمديريات الجهة بعد تفجر فضيحة داخلية اولوز بتارودانت التي اهتز لوقعها الرأي العام المحلي والجهوي والوطني، وما تلاه من تسمم تلاميذ الأقسام التحضيرية بداخلية رضا السلاوي بأكادير نتيجة التغدية السيئة التي يشرف عليها تريتور مدير الأكاديمية، وما عرفته بعض المديريات مثل مديرية اشتوكة، تعدد اسباب التي عجلت بخروج مدير الأكاديمية المنهك جراء تدبيره الهش والفضيع، والتي تتوزع لاسباب عديدة ومتشعبة.
أولا: صدوع وتشققات واعطال عجلت بهرولة المدير الجهوي قبل تفجر الفضيحة:
هرع مدير أكاديمية سوس ماسة لحضور وجبة فطور بداخلية “إمي مقورن” التي افتتحت بمناسبة الموسم الدراسي 2020/2021 بعد أن تلقى عبر أحد “أعوانه” معطيات صادمة حول بناية الداخلية الحديثة العهد بالافتتاح، أي أشهر قليلة بعد فتح أبوابها لحوالي 120 طفلا. فصدم منها حتى المدير المنتقل من طانطان إلى اشتوكة أيت بها “بركة توبي” ولم يرقه الحال بسبب اختلالات في البناية ومرافقها، من المراقد إلى المطبخ ، ثم غرفة التبريد المعطلة وتصدعات ببعض حيطانها والقنوات المائية ومجاري الصرف الصحي…
فهل هكذا يكون حال الداخلية الجديدة التي أشرفت على بناذها وتجهيزعا الأكاديمية وفتحت أبوابها خلال الدخول المدرسي ويتبجح من يتبجح أنها ستقدم خدماتها للتلاميذ الأبرياء الذي لا ذنب لهم، بعد أن تفقد أشغالها عامل إقليم اشتوكة ومهندس الداخلية الفطن جمال خلوق في يناير 2020؟!
ثانيا:محاولة طمس معالم الفضائح المتفجرة بتسينت واشتوكة وتارودانت وأگادير
بمجرد تناهي ما يحدث لمدير أكاديمية سوس ماسة اضطر لركوب سيارة المصلحة والتوجه من أجل إطفاء حريق الغضب (المحلي والجهوي)، بعدما تفجرت خلال أسبوع فقط فضيحة إطعام التلاميذ الأربعاء بداخلية أولوز التي اضطر للتنقل إليها يوم السبت مع أحد أعوانه. فوقف على حقيقة التغذية، واضطر لاستقدام شاحنة الأفرشة ليلا خوفا من حلول لجنة التفتيش من الداخلية أو المفتشية العامة يوم الاثنين. واضطر أيضا لدعم الوجبة والتقاط صور جديدة لا تعكس واقع الداخليات في سوس ماسة. تلتها فضيحة أخرى ضربت زبدة الطلبة بالأقسام التحضرية، طبعا المستفيدين من خدمة المطعمة عبر صفقة تريتور ممركز في الأكاديمية بعدما كان التدبير مفوضا لمركز الأقسام التحضيرية، فصمت مدير سوس ماسة عن الفضيحتين (داخلية أولوز وداخلية CPGE)، ولم يصدر أي بيان أو بلاغ أو توضيح على ما حصل لطلبة الأقسام التحضيرية الذين يتناولون بالمناسبة وجبات يقل مصروف منحتها عن 30 درهما، بينما منحتهم تصل إلى 40 درهما نالتها شركة “من البلاد” (كما هو حال عدد من العقود والصفقات في المحاماة وتأهيل قاعة الاجتماعات، والمطعمة..)، بعدما تفجرت قبل أسابيع فضيحة داخلية “تسينت” في طاطا ، وفضحها الإعلام النزيه آنذاك. فحاول المسؤولون ترقيع الداخلية بإصلاحات مستعجلة خوفا مما قد يأتي بين الفينة والأخرى. .
وقد سارع أيضا إلى “امي مقورن” (هذا بالأمازيغية يعني الفم الأكبر ) بعدما أغاضه مدير أكاديمية بني ملال خنيفرة الذي تفقد ظروف تناول وجبات الاطعام بداخليات جهته قبل أيام في رمضان الجاري، شأنه شأن عدد من المديرين الإقليميين بالمغرب، منهم المدير الاقليمي لتازة ذ. رشيد كايز، والمدير الاقليمي لشيشاوة ذ. رحال الناجي والمدير الأقليمي لأسفي وغيرهم، مما نشرت مبادراتهم على صفحات رسمية.
ثالثا: محاولة التغطية عن سوءة التجهيزات الجديدة المتهالكة!
طبيعة التجهيزات المسلمة لداخلية “إمي مقورن”، التي تصل طاقتها الاستعابية ل120 سريرا. والذي تشكى منها المسؤولون المحليون بعدما توصلوا بمكونات الصفقة الجهوية التي أبرمتها أكاديمية سوس مسة في عهد المدير الحالي. فهل ستتدخل المفتشية العامة لفك شفرات ذلك، وفتح تحقيق نزيه ومعمق يرتب المسؤوليات والجزاءات أم يتعين انتظار قضاة المجلس الأعلى للحسابات للقيام بالمطلوب أم سيهرع حينها لاستبدال التجهيز وتلميع الواجهة كما حصل في أفرشة داخلية أولوز بتارودانت؟! وماذا عن نفس مكونات وعتاد الصفقة الجهوية الممركزة التي وزعت على باقي المديريات الإقليمية؟. لهذا سيفهم حقيقة لماذا “هرع” إلى داخلية “إمي مقورن”. ولعل الصورة الوحيدة للمائدة تظهر الحقيقة. بل تعمد عدم نشر صور الداخلية المذكورة التي يئن تلاميذها من وضع كانوا سيفرحون به هذا الموسم، لو أحسن البناء والتجهيز. لكن لا حياة لمن تنادي.
رابعا: التمويه وتوريط الوزير وديوانه بتدوينة ستجر عليهم الويلات!
ورد في التدوينة التي حاول مدير سوس مسة أن ينشرها بصورة يتيمة وبعبارات من أسلوبه، وظل طوال ليلة الثلاثاء 27 أبريل/الأربعاء 28 أبريل 2021 ينشرها عبر الواتساب ويدعو لتعميمها “فرحا بالإنجاز المتميز والوقوف على حقيقة تحاشى ذكرها حتى يتعامى الجميع”. ومما كتب وأرسل للوزير (تم الوقوف…، تقرر اعتماد نظام المطعمة). فهل اعتماد نظام المطعمة يتم من عبر تدوينة “الفايسبوك” أم بقرار من الوزارة أم بتوصية وقرار من المجلس الإداري للأكاديمية صاحب سلطة الاختصاص، وأن مدير الأكاديمية ليس سوى منفذا لقراراته. أم العكس هو ما يحصل مدير الأكاديمية يختار ما يريد وينفذ ما يريد، وحينما يأتي المجلس الإداري يتم الاستعطاف وطلب الاستذرار واعتماد “نظام المكيجة” حتى تمرر الميزانية الأولية من قبل أعضاء المجلس الاداري. وهذا هو المنجز. فيما الباقي تفاصيل فقط من ميزانية الاستغلال إلى الاستثمار لا ينبغي أن يسأل عنها أحد. ربما ليست من المال العام!
خامسا: عشوائية نظام المطعمة بالتريتور
إذا كان اعتماد نظام المطعمة، أي اللجوء إلى “التريتور” لإطعام الأطفال الأبرياء في الداخليات، قد جرب في سنة كما يدعي مدير أكاديمية سوس مسة. أين هي نتائج التجريب؟! ولماذا لم تقدم الدراسة، إن وجدت، لأعضاء المجلس الإداري لمناقشتها وتدارسها؟! ولماذا لم تعتمد في داخليات تارودانت الكبيرة العدد كما حصل في مديرية أكادير إداوتنان بثانوية الادريسي التقنية ويوسف بن تاشفين أم لأسباب مبطنة تلوكها الألسن؟! ولماذا يتم مركزة صفقات التريتورات بالمطعمة من قبل مدير أكاديميتها، بدل تفويض الاعتمادات للمديريات الاقليميات كما هو معمول في الصفقات الاطار لتغذية تلاميذ الداخليات؟! ولماذا نفس الموردين بأسماء مختلفة وشركات متعدد تتنافس على طلبات العروض بشروط مفصلة على المقاس هي من تستفيد من “المطعمة” (من لبلاد-تمازيرت)؟! ولماذا لا يتم اعتماد نفس النظام في تغذية التكوين المستمر (طابق فردي) الذي هو الآخر ممركز بالأكاديمية في اعتمادات مالية تتجاوز مليار و 200 مليون سنتيم فيما يسمى “المخطط الجهوي للتكوين المستمر” الذي دبج على عجل بعد دخول السنة المالية 2021 بحوالي شهرين من الزمن. ولم يخضع لأية مصادقة من قبل أعضاء المجلس الإداري بعدما عدلت تكوينات من قبل لجنة لا حقة وليست لها أية صلاحيات على ما يصادق عليه المجلس الإداري وعلى ما صادق عليه المجلس الإداري في دورة دجنبر 2020 للسنة المالية 2021. فلم يصلح المجلس الإداري إذن؟!!
هذه فقط خمس حقائق لفهم حقيقة لماذا “هرع” مدير سوس مسة إلى داخلية إمي مقورن، وحاول أن يظهر وجها آخر غير حقيقة الواقع البشعة الصادمة التي نقلها لمسؤولي الرباط، الذين سيفهمون جزءا مما تدبر به أكاديمية مؤشراتها في اضمحلال يوما بعد يوم، ووضعيتها تتردى أسبوعا بعد آخر، وموظفوها، بل والكثير من كفاءاتتها (يتجاوز العدد 45 إطارا) تغادر مناصبها نحو وجهات أخرى في صمت بحثا عن ظروف أيسر للعمل حتى تفر بجلدها، لما تراه من كوارث تحصل، ومن يوم المحاسبة والمساءلة.