لم يكد وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي سعيد أمزازي يدعو في لقاءاته التنسيقية الجهوية لحشد مزيد من التعبئة والالتفاف حول المدرسة المغربية، وبالخصوص دعواته ورسائله الصريحة والواضحة في لقاء 22 مارس 2021، حتى توارى البعض عن سماع كل تلك التوجيهات ورموها وراء ظهورهم، كالعادة، بعدما مر اللقاء/الفضيحة، وطفت للسطح ممارسات معاكسة لتوجيهات الوزير انزازي، التي يراها المختصون ستسبب لا محالة في تأزيم الوضع، بعدما فقد المنتخبون والشركاء الثقة في أكاديمية سوس كمؤسسة تعيش على ايقاع السكتة القلبية.
ويرى المختصون أن الدعوة التي وجهتها ولاية جهة سوس ماسة لمدير أكاديمية سوس مسة لحضور انطلاقة أشغال تهيئة دار الفنون بأكادير يوم الجمعة 2 أبريل 2021 على الساعة 11 و45 دقيقة وترأسها والي جهة سوس ماسة بحضور رئيس مجلس جهة سوس ماسة ورئيس مجلس جماعة أكادير وعدد من المسؤولين، وما عرفته من انسحاب مدير الأكاديمية ستصيب في العمق الثقة التي حاول الوزير إحيائها لدى المجالس المنتخبة ومؤسسات الدولة باعتبارها شريكا استراتيجيا في اجرأت وانجاح مشاريع القانون الإطار.
وقد أثار قرار مدير الأكاديمية بالانسحاب، بحسب ما رواه صحافيون نشروا في هذا الشأن تدوينات استأثرت باهتمام الشغيلة والمتتبعين، بعد أقل من نصف ساعة على تأخر والي جهة سوس ماسة ورئيس مجلس الجهة، سخرية الشركاء وازدراء المتتبعين. وهو المسؤرل الوحيد الذي انسحب في سلوك غير مفهوم وغير مبرر، اللهم إن كان الأمر مرتبطا بخلفيات ما تداولته الألسن عن اللقاء التنسيقي أو بمستقبله في الأكاديمية نظرا لتجاوزه سن التقاعد (من مواليد 1يناير 1958 حسب الثابث بمحضر الضابطة القضائية المحرر بتيزنيت) وهو الطامح والطامع للتمديد كأنه ليس في سوس ماسة ولا في هذا البلد من يمكن أن يقوم بهذا الشأن على أحسن وجه، وكأن أمهات المغاربة عاقمات.
التبرير الذي أخذ على علمه الراسخون في العلم، والمتتبعون، لأحوال ما يجري، يكشف علاقة الوالي المؤسساتية بمدير أكاديمية سوس مسة. هذا الأخير الذي تسجل عليه المصالح الخارجية، بمن فيها السلطات، ضعف التواصل وهشاشته في محطات كثيرة ومناسبات متعددة. فقد بين المجلس الإداري المنعقد في دجنبر 2020 للأكاديمية أن تمت شيء ما غير مفهوم، بعدما تدخل الوالي وطلب من ثلة من أعضاء المجلس الإداري تهدئة الأوضاع لأن الوزير حل ضيفا عليه حتى يمر المجلس بسلام وأنه يعرف حقيقة ما يقع، حتى تصل الرسالة إلى الوزير بعد فضيحة حلوله في الدخول المدرسي وزيارته للثانوية التقنية الادريسي وفضيحةرعدم الربط بالأنترنيت، وما وصله من حقيقة الأوضاع المزرية.
الملف الثاني، هو تكريم المدير الإقليمي الكفئ ذ. رحال الناجي بعد الحركة الانتقالية ليوم 18 يناير 2021، وذلك يوم الجمعة 22 يناير 2021 بحضور كبار المسؤولين الجهويين، وعلى رأسهم والي جهة سوس ماسة ورئيس مجلس الجهة والبرلماني عمدة أكادير ونائب رئيس مجلس جهة سوس ماسة-الذي ألقى قصيدة يمدح فيها مكارم الرجل وتضحياته ونكرانه للذات ومنجزاته- على ما أسداه لهذه العمالة، غير أن مدير سوس مسة أراد أن يعاكس توجه السلطات الولائية والمنتخبة ويفسد الحفل، فلم يحضر لا هدية ولا كلمة، وحينما حاول قلب الموازين بإلقاء كلمة حول تنصيب صديقه المستقدم من مديرية إنزكان الفاشلة والمنكوبة، أوقفوه عند حده ولجموه وصدوه بصرامة.
وبقي بعدها المستقدم مشدوها مبهورا مذهولا مرتبكا، كما حدث له أُثناء إلقاء العرض المربك المرتبك يوم 22 مارس 2022 بمقر الولاية في اللقاء التنسيقي، الذي أجمع الكل على أن عرض مندوب التكوين المهني كان راقيا وأفضل بكثير من عرض الأكاديمية الذي كان على شكل أماني وتوقعات مجترة منذ المجلس الإداري، وكلاما يسوق في كل مناسبة ولا أثر له ولمشاريع القانون الاطار – التي ولدت معاقة بجهة سوس- في المؤسسة التعليمية على تلامذتها.
أسرت مصادر عليمة ان الرسالة أوصلها الوالي للوزير السعيد أمزازي، ولا أدل على ذلك الدعم المالي الذي تقدمه السلطات لفائدة التعليم العالي والتكوين المهني في مشاريع ذات بعد كبير ومهنية عالية تصل إلى 200 مليون درهم، منها فتات صغير لمشروع 27 قاعة متعددة الوسائط بالإعدادي (جلها غير مربوط بالأنترنيت)، بعدما كانت الجهة تدعم التعليم المدرسي بالملايير، لأنها لم تجد المخاطب الكفئ ولا مع من تتحدث ولا من يتواصل معها ويدافع عن أبناء جهة سوس ماسة، الذين يعانون الاكتظاظ والهدر وسوء الايواء بالداخليات (46 داخلية في وضعية سيئة من أصل 68) وتردي نتائج امتحانات الباكلوريا ورتب متأخرة في التعليم الأولي، وتراجع عدد من المشاريع التي كانت سوس ماسة رائدة فيها، لتتحول الجهة اليوم إلى “كريسون” ورجل مريض يحاول تقليد أكاديمية مراكش اسفي الرائدة، وجهة أكاديمية الرباط الراقية التي تمشي بسرعة الصوت، وأكاديمية الجهة الشرقية التي أبدع فيها الديب ونجح بشكل باهر في إقلاعها ووضعها في مصاف الأكاديميات الرائدة، وأكاديمية تطوان التي سبقت سوس مسة بسنوات ضوئية، وجهة درعة تافيلالت التي تحولت في وقت قياسي من بؤرة تربوية وإدارية إلى جهة يضرب بها المثال في كل المناسبات وفي كل المؤسرات، دون نسيان جارتنا كلميم وادنون التي يقودها ثلة من الشباب الرائد وفي مقدمتهم مدير الأكاديمية الساب من خريجي المدرسة الوطنية للإدارة-السلك العالي في التدبير الإداري- والمدير الإقليمي ذو الكفاءة العالية الذي يقود مديرية سيدي إفني، التي اصبحت قطبا رائدا على عكس مستنقع اكاديمية سوس مسة أو “الرجل المريض” كما يسميها الخبراء والمتتبعون.
ويعود السبب في ذلك كله، إلى غياب رؤية واضحة لدى مدير سوس ماسة، وضياع منطق ترتيب الأولويات، هل التلميذ أولى أم من؟! هل الداخليات وبناء المؤسسات أم بناء عمارة المليار وصفقات تأهيل وسندات طلب أم تعويض2600 حجرة من البناء المفكك ما تزال تورق التلاميذ والأساتذة في جهة سوس ماسة، وفي أحياء مدينة اكادير على بعد أمتار من مكتب الوالي(عضو المجلس الاداري) ومدير أكاديمية سوس مسة (منفذ قرارات المجلس الإداري فقط) ومن حق أعضاء المجلس محاسبته وتوفير كل مبررات ومستندات ووثائق الاتباث في صرف فلس من المال العام؟ أم منطق الأولويات لديه شيء آخر يخالف ويعاكس منشور رئيس الحكومة والرسالة التوجيهية الموطرة لنفقات الميزانية السنوية؟! وتأهيل التكوين المستمر في شطره الأول ب200 مليون ، ومشروع تأهيل عمارة أخرى بمقر الأكاديمية، ومركزة الصفقات جهويا (التغذية، التأهيل والبناء، التجهيز..)، ومحاربة لاتمركز التدبير في ثانوية الادريسي التقنية(أكادير) وثانوية يوسف بن تاشفين (أكادير) ومركز الأقسام التحضيرية رضا السلاوي (أكادير) وثانوية الرسموكي (تزنيت) رغم توجهات الدولة في هذا المجال بمنح اعتمادات القرب وتفويضها، غير أن لمدير سوس مسة رأي آخر.. من قبيل ترسيخ المزيد من المركزية، بل والافراط فيها والتفريط في مكتسبات مديرين بعد تجارب اللاتركيز.
كما أن عددا من الملفات التي حاول مدير أكاديمية سوس مسة رمي جمرتها على الوالي، ففطنت إليها مصالح هذا الأخير في قسم الشؤون الداخلية وقسم الشؤون الاقتصادية، واضطرتهم للتدخل وإطفاء الغضب، في محاولة منه بعدم احترام هيبة المؤسسات حسب ما فسره به مختصون بانسحابه، وكون الوالي هو المسؤول عن التنسيق بين المصالح الخارجية، وأن الوالي هو أيضا عضو المجلس الإداري للأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة سوس ماسة من حقه أن يعرف أين صرف درهم واحد وهل وصل وكيف وصل وهل بطريقة مشروعة؟!
ومن هذا المنبر يمكن للوالي أن يسأل مدير أكاديمية سوس مسة: ما المحضر الذي اعتمد عليه مدير الأكاديمية في بناء عمارة المليار-بناء وتجهيز ومصاريف الدراسات- بمقر الأكاديمية وتأهيل التكوين المستمر بـ200 مليون وهل نوقشت بالمجليس الإداري وصودق عليها وهل تمت مناقشتها في الأصل باللجان ودونت بالمحاضر قبل المصادقة النهائية أم هي فقط وحي من خياله وتدبير أُريد به المكيجة فانقلب على المؤسسة ونال من مصداقية لجان وأعضاء المجلس الإداري؟! وهل اللجوء لصفقات “التريتورات” بالداخليات بدعوى التجريب تم في إطار احترام اختصاصات المجلس الإداري؟! وهل احترمت فيها الشروط الخاصة خصوصا التقنية؟! وما مبرر مركزة مزيد من الصفقات جهويا (الاستغلال والاستثمار)؟! ما هو المحضر الذي اعتمد عليه؟!
وفي انتظار أن تقوم للازينب العدوي-الشريفة- رئيسة المجلس الأعلى للحسابات باللازم بعد أن وصلتها روائح كريهة عن أكاديمية سوس مسة و”صهد وسخونية رأس” رؤوسا اينعت بقطف حصادها في ملفات أزكمت الأنوف؟! فمنهم من هرب ومنهم من يتهرب ويتبرم ومنهم من يحاول أن يجد لنفسه تخريجة، وهو ما لن تسكت عنه العدوي بعدما رفعت السلطات تقارير إلى الرباط والجهات المعنية للقيام بما يلزم رغم تدخلات المستشار المنشار، وصديقه المستشار بالحزب المعلوم في الديوان بالرباط لضمان مستقبل ما بعد التقاعد حيث يتلقى الوعود كل يوم وليلة، فيما تَشكّل التحالف الثلاثيي لمديريه الإقليميين بسوس مسة لدراسة ما بعد المغادرة!كما يحدث مع رؤساء أقسام تحالفوا فيما بينهم في جلسات تقام خارج الأكاديمية لدراسة كل السيناريوهات، وآخرها اجتماع مساء الجمعة الماضي بأحد مقاهي حدائق سوس!
ويعلم جيدا من يعنيهم الأمر أن الأجواء داخل مقر اكاديمية سو مسة ليست على ما يرام، في ظل هدر الزمن الاداري، وتبرم طاقات وكفاءات عن الخوض والغوص في متاهات لا تنتهي بسبب غياب ظروف العمل، في سياق انعدام أجواء تبعث على الأداء والمردودية، في زمن يطغى فيه الظلم والتمييز وقلب الحقائق وتزييفا يمارس يوميا من قبل حفنة ممن لا يفقهون شيئا في ابجديات التسيير، فما بالك بالتدبير.
هذا ويري المختصون ان توزيع كعكة التعريضات بلا رقيب ولا حسيب ولا معايير.. وأن من يسيرون لا يعرفون حتى الأولويات، واكتفائهم بملئ فزاعات الارقام المغلوطة التي تصل إلى الرباط ، وهو ما فطن له أهل الرباط، وصقور باب الرواح والعرفان، وسبق ورموها على وجهوهم في اجتماع رسمي! وهو ما يعكس ما تعيشه أكاديمية سوس من مناخ لا يمكن أن ينتج الا الرداءة ويجعل سوس مسة في ذيل الأكاديميات بعدما كانت في مصافها، بعدما أهملت الشان التربوي وجعلته آخر ما يفكر فيه، واكتفاء رموزها بالبناء وتمرير الصفقات كأولى الأولويات، وعند الانجاز تغيب النجاعة في الأداء والجودة في صلب الأشغال… والكل ينتظر الخميس المقبل 8 أبريل في المجلس الحكومي وما بعده، كما ينتظر المتعاقد المهموم ونفسيته مهزوزة، ولسان حال السوسيين يقول اللهم ارفع عنا البلاء الجاتم فوق صدورنا، وطهر جهتنا من الدرن والنجاسة والغش والطفيليات إنك على كل شيء قدير.
بوتفوناست